يُعد السرطان الغدي (Adenocarcinoma) واحدًا من أكثر أشكال الأورام انتشارًا، وهو ينشأ من الخلايا الغدية المسؤولة عن إفراز المخاط أو العصارات الهاضمة في أعضاء مختلفة من الجسم، ويبدأ المرض عندما تفقد هذه الخلايا السيطرة على انقسامها الطبيعي، لتتحول إلى خلايا شاذة تنمو بشكل غير منضبط، ما يؤدي إلى تكوّن أورام قادرة على غزو الأنسجة المجاورة أو الانتشار إلى مناطق بعيدة عبر الدم والجهاز اللمفاوي.
ووفقا لـ clevelandclinic تختلف معدلات النجاة بشكل كبير تبعًا لمكان الورم ومرحلة اكتشافه، حيث يمكن أن يظهر هذا النوع من السرطان في الثدي، القولون والمستقيم، الرئة، البنكرياس، البروستات، المريء والمعدة، وفي حالاته المتقدمة، قد يتحول إلى سرطان غدي نقيلي ينتشر نحو الكبد، العظام أو حتى الدماغ.
أعراض المرض: إشارات عامة وأخرى خاصة
الأعراض تختلف حسب العضو المصاب، غير أن هناك علامات شائعة منها:
• ألم في موضع الإصابة.
• نزيف أو دم في سوائل الجسم مثل البول أو البراز.
• تغييرات في الشهية أو الوزن.
• شعور بالانتفاخ أو انزعاج في البطن.
أما العلامات الخاصة فتتنوع على النحو التالي:
• الرئة: سعال مزمن، ضيق تنفس، أزيز، بحة في الصوت، وأحيانًا سعال دموي.
• الثدي: قد يُكتشف مبكرًا بالتصوير الشعاعي، مع ملاحظة تغيّر في الحجم أو الشكل، أو ظهور إفرازات دموية من الحلمة.
• القولون والمستقيم: نزيف خفي بالبراز، تكرار الإسهال أو الإمساك، وآلام بطنية.
• البنكرياس: غالبًا صامت حتى المراحل المتقدمة، مع فقدان وزن غير مبرر، آلام بالبطن أو الظهر، غثيان وبراز دهني.
• البروستات: في المراحل المتأخرة يظهر بزيادة مرات التبول أو ضعف الانتصاب.
• المريء: صعوبة بلع، حموضة، بحة، وسعال مستمر.
• المعدة: شبع سريع، عسر هضم، غثيان وصعوبة في البلع.
عوامل الخطر: لماذا يحدث السرطان الغدي؟
رغم أن السبب المباشر غير محدد دائمًا، إلا أن عدة عوامل تزيد احتمالية الإصابة، أبرزها:
• التدخين بجميع أنواعه.
• التاريخ العائلي للإصابة بالسرطان.
• الاستهلاك المفرط للكحول.
• السمنة وارتفاع مؤشر كتلة الجسم.
• التعرض للمواد الكيميائية الضارة.
• الخضوع لعلاج إشعاعي سابق.
التشخيص وطرق التحديد
يبدأ التشخيص بمراجعة التاريخ المرضي والفحص السريري، تليه اختبارات مثل:
• تحاليل الدم لاكتشاف مؤشرات غير طبيعية.
• التصوير المقطعي المحوسب لتوضيح الأنسجة الداخلية بدقة.
• الرنين المغناطيسي للكشف عن مدى انتشار الورم.
• الخزعة، وهي الفحص الأكيد بتشريح عينة نسيجية تحت المجهر.
مراحل ودرجات الورم
الأطباء يقسّمون الورم تبعًا لمدى عدوانية الخلايا:
• جيد التمايز (أبطأ نموًا).
• متوسط التمايز.
• ضعيف التمايز (أشد عدوانية).
أما المراحل فتتدرج من:
• المرحلة 0: الورم موضعي.
• المرحلة I: غزو محدود دون انتشار للعقد اللمفاوية.
• المرحلة II: نمو أعمق وربما وصول للعقد القريبة.
• المرحلة III: انتشار أوسع وربما إلى عقد بعيدة.
• المرحلة IV: نقائل في أعضاء بعيدة.
خيارات العلاج
تعتمد الخطة العلاجية على العضو المصاب ومرحلة المرض، وتشمل:
• الجراحة: لإزالة الورم وما يجاوره من أنسجة.
• العلاج الكيميائي: لتدمير الخلايا أو الحد من نموها.
• العلاج الإشعاعي: استهداف الورم بدقة لتقليص حجمه أو القضاء عليه.
وقد تُستخدم هذه الوسائل منفردة أو مجتمعة وفق ما يراه الفريق الطبي.
ما بعد العلاج والتوقعات
المرضى قد يعانون من آثار جانبية مثل الغثيان، التعب أو فقدان الشهية. ويُنصح دومًا بمصارحة الطبيب بأي أعراض جديدة لمعالجتها مبكرًا.
أما نسب البقاء، فتختلف حسب نوع الورم:
• البروستات: 99%
• الثدي: 90%
• القولون والمستقيم: 90%
• الرئة: 56%
• المريء: 47%
• المعدة: 32%
• البنكرياس: 10%
الوقاية والدعم النفسي
لا يمكن منع السرطان الغدي تمامًا، لكن يمكن تقليل مخاطره عبر:
• التوقف عن التدخين.
• الحفاظ على وزن صحي.
• الالتزام بغذاء متوازن غني بالخضروات والفواكه.
• ممارسة الرياضة.
• إجراء الفحوصات الدورية.
الجانب النفسي لا يقل أهمية عن العلاج الطبي، إذ يساعد الدعم الأسري، جلسات التأمل أو الأنشطة الخفيفة على تحسين جودة الحياة أثناء رحلة العلاج.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
في حال استمرار الأعراض أكثر من أسبوعين أو تأثيرها على الحياة اليومية.
وختاما، تشخيص السرطان الغدي قد يكون صادمًا، لكنه ليس نهاية الطريق. التطور الطبي المستمر، مع أهمية الكشف المبكر، يمنح فرصًا كبيرة للسيطرة على المرض وتحقيق نسب شفاء مرتفعة، والأمل يظل قائمًا دومًا بفضل التقدم العلاجي والدعم النفسي.