
هانى عبد الجواد: ذكريات الصيد والتجديف صنعت لوحتى عن البساطة والرزق
هدير يحيى: قطرة ماء أثمن من الذهب.. ورسالة بيئية بلمسة فرعونية
شيماء شافعى: الأعمال الفنية تعكس قيمة النيل عالميًا
عبدالله الدرقاوى (المغرب): الكاريكاتيرالمصرى يوحّدنا حول رسالة الماء
الفنانة البولندية إيزابيلا كوفالسكا: مفتونة بمصر القديمة.. والنيل رمز للأمل والحياة
الفنان الإيطالي أندريا بيتشيا: قلب مصر نابض.. ويلهم الفنانين على الدوام
خالد المرصفى: الاحتفال ممتد منذ الفراعنة

فى لحظة استثنائية احتفالية تزامنت مع عيد وفاء النيل، اجتمع فنانون من مصر والعالم ليقدّموا للنهر الخالد صورة جديدة بريشة ساخرة، لكن بعمق شديد الدلالة.
المعرض الدولى للكاريكاتير "النيل عنده كتير... لعزة الهوية المصرية" افتتحته وزارة الثقافة المصرية بقاعة آدم حنين بمركز الهناجر للفنون، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وبحضور سفراء وشخصيات ثقافية بارزة، وبمشاركة ٤٠ فنانًا من ٢٠ دولة عرضوا ٥٢ عملًا فنيًا تنوّعت بين الرمز والأسطورة والفكاهة والوعى البيئي.
حضور رسمى ودبلوماسى بارز
شهد الافتتاح أجواء احتفالية مبهجة شارك فيها الأستاذ أمير تادرس مستشار وزير الثقافة للحوار والتنمية المجتمعية، والسفير البولندى ميهاو موركوتشينسكي، والسفير الكوبى ألكسندر بييسير، إلى جانب نخبة من الفنانين المصريين البارزين منهم الفنان فوزى مرسى الأمين العام للجمعية المصرية للكاريكاتير والفنانة شيماء شافعى منسقة المعرض.

وأكد وزير الثقافة خلال جولته أن المعرض يعكس "قدرة الكاريكاتير على أن يكون أداة ثقافية بصرية نافذة، تحمل رسائل عميقة عبر بساطة التعبير وروح الدعابة"، مشيدًا بالتنوع الفنى الذى عكسه المشاركون.
رؤية الفنانين

الفنان التشكيلى خالد المرصفى قال فى تصريحاته لـ "البوابة نيوز" إن النيل يمثل بالنسبة له "شريان الحياة والرمز الذى لا ينضب"، لافتًا إلى أن النهر الخالد هو الوحيد فى العالم الذى يحتفل به البشر منذ عهد الفراعنة وحتى الآن. وعن لوحته المشاركة، أوضح المرصفى أنها استلهمت من طقس قديم كان يُرسل فيه الجنود إلى منابع النيل لاكتشاف سبب انخفاض منسوبه، مضيفًا: "اللوحة تحمل إسقاطًا معاصرًا على أزمة سد النهضة وتحدياتها." وأكد أن حضور طلاب الجامعات والشباب أعطى للمعرض روحًا خاصة، "فالفن ليس للنخبة فقط، بل لكل الأجيال."


أما الفنان هانى عبدالجواد، فقدّم رؤية شخصية عن النيل، مشيرًا إلى ذكرياته الأولى مع النهر من صيد الأسماك والسباحة إلى التجديف صباحًا، وقال لـ "البوابة نيوز": "النيل هو الخير والحياة، وهو فى داخل كل مصري." وأضاف أن لوحته جسدت مشهدًا لرجل مركبى وابنه يصطادان بالشبكة، فى رمز للبسطاء وسعيهم وراء الرزق، مؤكدًا أن "الفن يجد مادته الأولى فى تفاصيل الحياة اليومية."


الفنانة هدير يحيى لفتت الأنظار بلوحتها التى جسدت قطرة ماء فى مواجهة سبائك الذهب داخل ميزان رمزي، لتؤكد أن "الماء أثمن من كل الكنوز." وقالت لـ "البوابة"إن أصعب ما واجهته هو البحث عن فكرة غير مكررة، مضيفة: "أردت أن أقول للناس إن قطرة الماء هى سر الوجود." وأشادت بإعجاب السفراء بلوحتها، معتبرة أن ذلك يعكس أن رسالة النيل إنسانية وعالمية.

صوت الفنانين العرب والأجانب

من بولندا، شاركت الفنانة إيزابيلا كوفالسكا-ويتسوريك، التى عبّرت لـ "البوابة نيوز" عن سعادتها بالمشاركة قائلة: "أنا مفتونة بمصر القديمة وبأساطيرها المرتبطة بالنيل." وقدّمت لوحة بعنوان "منابع النيل الأسطورية" مزجت فيها بين الرموز الأسطورية وحياة الناس اليومية فى الوادي. وأضافت: "النيل ليس مجرد نهر، بل رمز للحياة والأمل وقوة مُغذّية للوجود." كما وجهت رسالة شكر للجمهور المصرى على تفاعله الكبير.

أما الفنان الإيطالى أندريا بيتشيا فقد ربط بين الحضارة المصرية القديمة والحاضر، مستلهمًا رموزًا مثل ريشة ماعت والتحنيط فى لوحاته، وقال لـ "البوابة نيوز": "قلب مصر القديمة ما زال نابضًا اليوم ويواصل إلهام الفنانين والجماهير." وأوضح أنه سبق أن أقام معرضًا بعنوان "رحلة إلى قلب مصر" بروما، ويأمل أن يقدمه قريبًا فى القاهرة، مضيفًا أن الفن بالنسبة له "لغة عالمية قادرة على توحيد القلوب."


المغرب حاضر فى "النيل عنده كتير": الدرقاوى يستعيد أثر الكاريكاتير المصرى ويؤكد رسالة الماء المشتركة

فيما أكد الفنان المغربى عبدالله الدرقاوي، أحد المشاركين فى المعرض، فى تصريحات لـ "البوابة نيوز" أن دعوة منظمى معرض الكاريكاتير الدولى بمصر كانت فرصة لا يمكن أن يتخلف عنها، معتبرًا المشاركة "واجبًا فنيًا وإنسانيًا" لما لمصر من قيمة خاصة فى مسار فن الكاريكاتير العربي، حيث قال:"مصر كانت دائمًا بالنسبة لنا مدرسة كبرى للكاريكاتير من خلال رموزها العظام مثل صلاح جاهين وحجازى وحسن حاكم ورؤوف عياد، الذين تعلمنا من رسوماتهم عبر المجلات المصرية المنتشرة بالمغرب".

وأشار الدرقاوى إلى أن مشاركته بلوحتين جاءت انسجامًا مع المناسبة المرتبطة بـ عيد وفاء النيل، وهو ما منحه شعورًا بالفخر وهو يشارك أشقاءه الفنانين المصريين الاحتفال بهذا النهر العظيم الذى وصفه هيرودوت بأنه "هبة مصر"، وتغنى بجماله كبار الشعراء مثل أحمد شوقي.

وأوضح الفنان المغربى أن أعماله حملت رسائل مباشرة عن أهمية الماء وضرورة ترشيد استهلاكه، مشيرًا إلى أن العالم يعيش تحديات مائية حقيقية مع توالى موجات الجفاف فى مناطق عديدة، ما جعل حملات التوعية قضية وجودية. وأضاف: "حاولت من خلال رسوماتى الكاريكاتيرية إيصال رسالة أن الماء أساس الحياة، والحفاظ عليه ليس مسؤولية الحكومات فقط، بل واجب مجتمعى كامل يضمن مستقبل الأجيال القادمة".
واستعاد الدرقاوى فى تصريحاته حضور الماء فى الفنون القديمة، خاصة فى الفن الفرعونى الذى صور الحياة على ضفاف النيل من صيد وزراعة وطيور، مؤكدًا أن النهر كان دائمًا مصدر إلهام للفنانين على مر العصور.
كما لفت إلى أن المغرب أطلق بدوره حملات وطنية للتحسيس بترشيد استهلاك الماء فى ظل الوضعية المائية المقلقة، وهى القضية نفسها التى تواجهها مصر مع نهر النيل، معتبرًا أن المعرض الفنى جاء ليجسد هذه الرسالة التحسيسية النبيلة.
وأضاف: "نحن كفنانين عرب نتقاسم الهموم نفسها من البطالة والبيروقراطية والتغيرات المناخية، وكان موضوع الماء أحد أبرز القضايا التى جمعتنا على قلب فنان واحد من المحيط إلى الخليج".
وختم الدرقاوى تصريحاته بالتأكيد على أن وفاء النيل ليس مجرد مناسبة احتفالية مصرية، بل هو إرث حضارى ورمز إنسانى يختزل قصص آلاف السنين، مشددًا على أن فن الكاريكاتير يملك قدرة فريدة على توحيد الشعوب وتقريبها، وضرب مثالًا بانتشار الكاريكاتير المصرى الذى وصل إلى كل بيت عربى ورسم البسمة بخفة دم ورسائل عميقة.
تنوع المدارس الفنية
أشارت منسقة المعرض شيماء شافعى إلى أن مشاركة ٢٠ دولة منح الفعالية بعدًا عالميًا، وأضافت: "الأعمال المعروضة تراوحت بين الأسلوب الكلاسيكى والمدرسة الحداثية والتجريبية، مما أتاح للجمهور مساحة واسعة للتأويل والتفاعل." وأكدت أن الهدف الأهم كان "إبراز قيمة النيل بوصفه رمزًا مشتركًا بين الماضى والحاضر والمستقبل."
تفاعل جماهيرى ورسالة بيئية
الإقبال الجماهيرى اللافت كان أبرز ملامح المعرض، حيث نظمت الوزارة رحلات خاصة لطلبة الأزهر والتربية والتعليم والمحافظات الحدودية، فى محاولة لغرس الوعى البيئى والوطنى عبر الفن. وقد أبدى الطلبة انبهارهم باللوحات والتعليقات الساخرة المصاحبة لها، معتبرين أن المعرض قدّم لهم النيل بصورة جديدة تجمع بين الفكاهة والوعي.
النيل فى عيون الكاريكاتير
المعرض لم يكن مجرد تظاهرة فنية، بل مساحة لتلاقى الثقافات، حيث عالج الفنانون قضايا كبرى مثل الحفاظ على البيئة، مواجهة التلوث، ترشيد استخدام المياه، والتحديات المستقبلية للنهر. وقد استطاع الكاريكاتير، بخفة ظله، أن يحمل رسائل عميقة تتجاوز حدود الرسم لتصل إلى العقول والقلوب.
و أثبت المعرض الدولى للكاريكاتير أن الفن قادر على أن يكون جسرًا بين الشعوب، وأن النيل يظل حاضرًا كرمز خالد تتجدد معانيه من جيل إلى جيل. فبينما استلهم البعض أساطير الفراعنة، وذهب آخرون إلى مشاهد الحياة اليومية، كان المشترك بينهم جميعًا هو أن النيل ليس مجرد نهر، بل هو قصة أمة وهوية وحضارة ممتدة لا تنضب.











