أخبار عاجلة

هروب السجناء يعيد الشبكات المتشددة.. سباق "داعش" و"القاعدة" على غنيمة "الفوضى" بالسودان

هروب السجناء يعيد الشبكات المتشددة.. سباق "داعش" و"القاعدة" على غنيمة "الفوضى" بالسودان
هروب السجناء يعيد الشبكات المتشددة.. سباق "داعش" و"القاعدة" على غنيمة  "الفوضى" بالسودان

يمثل السودان، الغارق في حرب أهلية طاحنة منذ منتصف أبريل 2023، بيئة خصبة لتصاعد النشاط الإرهابي، حيث تخلق حالة الفراغ الأمني وسقوط الدولة وانهيار مؤسساتها ظروفاً مثالية لتجذر التنظيمات المتطرفة.

في هذا المشهد الكارثي، لم تعد التهديدات تقتصر على الصراع بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، بل برزت بشكل خطير محاولات تنظيمي "داعش" و"القاعدة" لاستغلال الأزمة وتمديد وجودهما وتحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض.

"داعش" واستراتيجية "الأرض السوداء"

بعد تراجع نفوذه في سوريا والعراق، يسعى تنظيم "داعش" إلى إعادة تشكيل وجوده في أفريقيا، معتبراً إياها "أرض الجهاد المستقبلية". 

وحسب تقارير صادرة عن فريق التحليل التابع للأمم المتحدة المعروف بـ"اللجنة المعنية بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام" في يوليو 2023، فإن للتنظيم شبكة متماسكة في السودان يقدر عدد أفرادها بين 100 و200 عنصر، تعمل كقاعدة لوجستية ومالية تحت قيادة أبوبكر العراقي، الذي تربطه صلة قرابة بالزعيم السابق للتنظيم أبو بكر البغدادي، وتركز هذه الشبكة على أنشطة التمويل والتهريب وتوفير الدعم للفروع الأخرى في القارة، مستفيدة من الحدود الممتدة والمساحات الشاسعة خارج سيطرة الحكومة.

تجلى هذا التوجه بشكل واضح في خطاب التنظيم عبر صحيفته "النبأ"، حيث دعا إلى ما سماه "الجهاد في السودان"، من خلال خطاب أيديولوجي يصور الصراع الداخلي كمعركة بين "الحق" و"الباطل"، وينزع الشرعية عن جميع الأطراف المحلية.

هذه الدعوة ليست منعزلة، بل هي جزء من "استراتيجية الأرض السوداء" التي أعلن عنها الزعيم الحالي للتنظيم، أبو حفص الهاشمي القرشي، والتي تهدف إلى جعل أفريقيا محور عملياته الرئيسي.

ويرى المحللون، كما ورد في تحليل لمركز "السياسة" (The Policy Center) في مارس 2024، أن السودان يمثل "حلقة وصل استراتيجية" تربط بين أفرع التنظيم في الصومال ووسط أفريقيا ومنطقة الساحل، بهدف إنشاء ما يعرف بـ"الدائرة الداعشية الأفريقية".

ولكن "داعش" لا يقف منفرداً في هذا المضمار. فمنافسه التاريخي، تنظيم "القاعدة"، يتمتع بإرث عميق في السودان يعود إلى تسعينيات القرن الماضي عندما اتخذ من الخرطوم ملاذاً آمناً. 

وعلى الرغم من أن نهجه أكثر سرية وحذراً مقارنة بـ"داعش"، إلا أن مؤشرات على تحركاته تظهر بين الحين والآخر، ففي عام 2022، صدر كتاب نُسب إلى أبي حذيفة السوداني، أحد القيادات البارزة في التنظيم، يحث على إنشاء كيانات موالية له داخل السودان ويقدم دليلاً عملياً لتأسيس جماعة موحدة. 

كما أن هروب المئات من السجناء، بمن فيهم عناصر مرتبطة سابقاً بـ"القاعدة"، مع بداية النزاع الحالي، يزيد من مخاطر إعادة تشكيل البنية القتالية لهذه التيارات.

 وتشير تقارير ميدانية، كما ذكرت "شبكة الصراعات الأفريقية" (ACLED) في تقرير لها في فبراير 2024، إلى أن متشددين إسلاميين يقاتلون بالفعل ضمن تشكيلات مثل "كتيبة البراء بن مالك" إلى جانب القوات المسلحة السودانية، مما يمنح "القاعدة" نفوذاً غير مباشر ومجالاً للتجنيد.

يمتد خطر التمدد الإرهابي ليهدد الاستقرار الإقليمي والدولي بأكمله، فالسودان يحتل موقعاً جيوستراتيجياً حيوياً على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، أحد أهم الممرات المائية في العالم للتجارة العالمية وإمدادات الطاقة. أي وجود قوي لتنظيم مثل "داعش" في هذه المنطقة يشكل تهديداً مباشراً لأمن الملاحة الدولية، وهي قضية تهم القوى الكبرى بشكل مباشر، فالولايات المتحدة، الحريصة على حماية تحالفاتها في شرق أفريقيا وأمن الممرات البحرية، تراقب الموقف عن كثب. وبالمثل، فإن الصين، التي استثمرت مليارات الدولارات في مشاريع البنية التحتية والموانئ في المنطقة كجزء من مبادرة "الحزام والطريق"، تدرك أن عدم الاستقرار يهدد استثماراتها وأمن خطوط تجارتها. أما روسيا، فقد تعتبر الفوضى فرصة لتوسيع نفوذها الأمني والاقتصادي عبر شركات عسكرية خاصة مثل "فاغنر"، ولكنها في الوقت نفسه تواجه خطراً على مصالحها من صعود تنظيمات متطرفة لا يمكن التحكم بها.

السيناريوهات المحتملة

أما على الأرض، فتتعدد السيناريوهات المحتملة لتطور وجود التنظيمات الإرهابية. السيناريو الأكثر ترجيحاً، وفقاً لتحليل مركز "الدراسات الاستراتيجية والدولية" (CSIS) في واشنطن، هو أن يعمل "داعش" على التموضع بشكل محدود ومحلي، مركزاً على بناء خلايا صغيرة للتجنيد والتخطيط للعمليات محدودة النطاق وتأمين التمويل والخدمات اللوجستية، متجنباً المواجهات المباشرة مع القوى الكبرى. السيناريو الثاني، وهو ذو احتمال متوسط، يتعلق بالتوسع التدريجي نحو مناطق النزاع المفتوحة في دارفور وكردفان، حيث يمكن للتنظيم إقامة قواعد شبه مستقلة وربطها بشبكاته في الساحل والصومال. بينما يبقى السيناريو الثالث، وهو اندلاع مواجهة مفتوحة واسعة النطاق للسيطرة على أراضٍ استراتيجية، الأقل احتمالاً في المدى المنظور نظراً للقدرات العسكرية المحدودة الحالية للتنظيم مقارنة بالقوى المحلية والإقليمية الفاعلة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق لأول مرة.. وزير الإسكان يفتتح ملتقى “بوابة استثمار البحر المتوسط MIG” بالعلمين الجديدة
التالى وكيل زراعة البحيرة يوجه بسرعة تطهير المساقى والمصارف بزمام جمعية الوكيل بدمنهور