في زيارة تحمل رهانات كبرى لمستقبل الحرب والسلام، وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن، حيث يستعد للقاء مرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض.
زيارة تأتي وسط تصاعد الترقب الأوروبي والأوكراني بشأن إمكانية حصول كييف على "ضمانات أمنية" ملموسة، في وقت يلوّح فيه ترامب بأن مفتاح إنهاء الحرب بيد زيلينسكي "إن أراد".
وعبر زيلينسكي، فور وصوله، عن امتنانه لدعوة ترامب، مؤكداً تطلعه لإنهاء الحرب "بسرعة وبشكل موثوق"، في إشارة إلى نوايا واضحة نحو إبرام اتفاق سلام طويل الأمد، بمساندة الحلفاء الأوروبيين.
لكن ترامب، المعروف بمواقفه الحادة وغير المتوقعة، كرر مجددًا موقفه المتشكك في أحقية أوكرانيا بشبه جزيرة القرم، قائلاً إنها "ذهبت إلى روسيا دون رصاصة واحدة" خلال عهد أوباما، ومشدداً على أنه "لا عودة للخلف" في هذا الملف.
وفي خلفية اللقاء المرتقب، أصدر تحالف دولي يُعرف بـ"تحالف الراغبين" بياناً مشتركاً أعرب فيه عن استعداده لتقديم دعم أمني لكييف، عبر "قوة متعددة الجنسيات لحفظ السلام"، تتدخل فور وقف الأعمال العدائية، للمساهمة في تأمين المجال الجوي الأوكراني وحدودها البحرية.
وفي هذا السياق، صرّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن الهدف من لقاء الاثنين هو "إظهار جبهة موحدة" بين أوكرانيا وحلفائها، مؤكداً أن إبداء الضعف أمام روسيا اليوم سيزرع بذور نزاعات مستقبلية.
هواجس أوروبية
تشعر العواصم الأوروبية بقلق عميق حيال إمكانية أن ينحاز ترمب أكثر من اللازم لروسيا، أو أن يمارس ضغوطاً قاسية على زيلينسكي لعقد صفقة تضر بوحدة الأراضي الأوكرانية. ويبدو أن هاجسهم الأكبر هو ألا تتكرر صورة لقاء فبراير الماضي، حين وبّخ ترمب زيلينسكي علنًا بقوله: "أنت لا تملك الأوراق"، في تلميح إلى خضوع الضعيف أمام الأقوى.
وبحسب تصريحات دبلوماسي أوروبي رفيع لصحيفة واشنطن بوست، فإن وتيرة الاجتماعات والاتصالات الأوروبية "غير مسبوقة" منذ ما قبل حرب العراق، في محاولة لتفادي نتائج لقاء قد يغيّر موازين الحرب بالكامل.
ضمانات مشروطة وتخوفات معلنة
المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف كشف أن ترامب وبوتين ناقشا في ألاسكا الأسبوع الماضي إطاراً لـ"ضمانات أمنية قوية" لأوكرانيا، لا تأتي عبر حلف الناتو، بل من واشنطن وشركاء أوروبيين بشكل مباشر. ورغم أن التفاصيل ما تزال غامضة، إلا أن التصريحات تشير إلى رغبة أميركية في تقديم دعم مشابه للمادة الخامسة من ميثاق الناتو، لكن خارج مظلته الرسمية.
في المقابل، شددت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، على أهمية احترام سيادة أوكرانيا، معربة عن أملها في إطلاق حوار مباشر بين بوتين وزيلينسكي وواشنطن "بأسرع وقت"، محذرة من أن استمرار الحرب يعني مزيداً من الدماء والمآسي.
لقاء مرتقب ونتائج غير مضمونة
في خلفية هذه التطورات، تلوح فكرة عقد قمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي، إلا أن مسؤولاً في البيت الأبيض شدد على أن تحقق هذه القمة ليس مؤكداً، كما أن الاتفاق على آليات تنفيذ الضمانات الأمنية قد يستغرق وقتاً، يُستغل في الميدان لإعادة رسم الخرائط.
وفي تطور لافت، قال زيلينسكي من بروكسل، خلال ظهوره مع فون دير لاين، إنه "من المستحيل الدخول في مفاوضات مع موسكو تحت ضغط السلاح"، مشدداً على أن أي حديث عن سلام مشروط يجب أن يسبقه وقف شامل لإطلاق النار.
وفي الوقت نفسه، كشف مسؤولون غربيون أن بوتين يشترط للسلام سيطرته الكاملة على إقليم دونباس شرق أوكرانيا، بما يشمل مناطق لم تستطع قواته اقتحامها حتى الآن، مما يزيد من صعوبة تحقيق اتفاق حقيقي، أو سلام "موثوق ودائم"، كما يطالب زيلينسكي.