كشف اتحاد شركات التأمين المصري، عن قيام لجنة إعادة التأمين، وبالتعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية، بإعداد دراسة شاملة حول سندات الكوارث الطبيعية، تضمنت آليات عملها وفرص الاستثمار بها، وما يمكن أن تحققه من قيمة مضافة لقطاع التأمين المصري، مع استشراف التحديات التي ينبغي الاستعداد لتجاوزها.
وأوضح في تقرير أن التعرف على مثل هذه الأدوات المالية المتطورة والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة هو خطوة هامة نحو بناء سوق تأمينية أكثر قوة واستدامة، قادرة على حماية الاقتصاد والمجتمع في مواجهة أخطار المستقبل.
وأوضح أن سندات الكوارث تمثل نقلة نوعية في الأدوات المالية التي تعزز مرونة شركات التأمين وإعادة التأمين في مواجهة التحديات الكبرى الناجمة عن الكوارث الطبيعية والأخطار النظامية.
وذكر في تقرير حديث أن سندات الكوارث لا تقتصر على كونها وسيلة مبتكرة لنقل المخاطر إلى أسواق رأس المال، بل تُعد أيضًا ركيزة أساسية لضمان استقرار السوق والحفاظ على قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها حتى في أصعب الأزمات.
وأضاف أن الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في إصدار وتداول سندات الكوارث تصبح خطوة ملحة وضرورية لفتح آفاق جديدة أمام السوق المصرية، مع مراعاة الجوانب الفنية والتشريعية والاقتصادية.
أدوات دين ذات عائد مرتفع
وتعتبر سندات الكوارث أدوات دين ذات عائد مرتفع تصدرها شركات التأمين أو إعادة التأمين أو الحكومات. بهدف جمع الأموال التي يمكن استخدامها لتغطية الخسائر المالية الكبيرة الناتجة عن وقوع كوارث طبيعية محددة مسبقاً. وفي حال عدم وقوع الكارثة خلال فترة السند، يحصل المستثمرون على عوائد مجزية. أما في حال وقوع الكارثة وتجاوز الخسائر مستوى معين متفق عليه، فإن المستثمرين قد يخسرون جزءاً من رأس مالهم أو كله، ويتم استخدام هذا المبلغ لتعويض شركات التأمين عن الخسائر.
الغرض من سندات الكوارث
تعتبر سندات الكوارث أداة حيوية لشركات التأمين وإعادة التأمين لإدارة مخاطرها وتوزيعها. فبدلاً من تحمل كامل العبء المالي للكوارث الكبرى، يمكن لهذه الشركات نقل جزء من هذا العبء إلى المستثمرين في أسواق رأس المال. مما يساعد على:
•تخفيف المخاطر: تقليل تعرض شركات التأمين لخسائر كارثية قد تهدد استقرارها المالي.
•توفير السيولة: ضمان توفر الأموال اللازمة لدفع التعويضات بعد وقوع كارثة كبيرة.
•تنويع مصادر التمويل: توفير بديل لأسواق إعادة التأمين التقليدية.
كيفية عمل سندات الكوارث
عند إصدار سندات الكوارث، يقوم المستثمرون بشراء هذه السندات وتقديم رأس المال لشركة التأمين. يتم الاحتفاظ برأس المال في حساب ضمان أو في شركة ذات غرض خاص (Special Purpose Vehicle - SPV). و يتم تحديد شروط السند بوضوح، بما في ذلك نوع الكارثة المغطاة، والمنطقة الجغرافية، والحد الأدنى للخسارة (Trigger Event) التي تؤدي إلى تفعيل السند. فإذا لم تحدث الكارثة المتفق عليها خلال فترة السند، يتم إعادة رأس المال للمستثمرين بالإضافة إلى الفوائد. أما إذا حدثت الكارثة وتجاوزت الخسائر العتبة المحددة، يتم استخدام رأس المال المستثمر لدفع التعويضات، وقد يخسر المستثمرون جزءاً أو كل استثمارهم.
سوق سندات الكوارث
شهد سوق سندات الكوارث نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بزيادة وتيرة وشدة الكوارث الطبيعية، وحاجة شركات التأمين إلى أدوات أكثر فعالية لإدارة المخاطر. وأصبحت هذه السندات جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات إدارة المخاطر للعديد من شركات التأمين وإعادة التأمين حول العالم.
بدأ السوق نموه الحقيقي في منتصف التسعينيات، بعد "إعصار أندرو" وقد شكل هذا الإعصار صدمة حقيقية لقطاع التأمين، الذي شرع في البحث عن سبل جديدة لتخفيف عبء المخاطر التي يتحملها من خلال اقتراح خدمة تأمين مبتكرة ضد الكوارث الطبيعية.، ثم كان زلزال نورثريدج حدثًا كبيرًا آخر هز سوق إعادة التأمين العالمية، وعلى مر السنين، استطاع واقع تغير المناخ أن يفرض نفسه. ثم بدأ الاهتمام بـ"سندات الكوارث" يتزايد خاصة خلال الأزمة المالية للعام 2008، كما شهد إصدار هذا النوع من المنتجات المالية تسارعا منذ جائحة كوفيد-19"،ومنذ ذلك الحين، استمر سوق سندات الكوارث في النمو.
و ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن شركات التأمين أصدرت سندات الكوارث بمعدل غير مسبوق هذا العام 2025، سعياً منها لنقل المخاطر المتزايدة جراء التغير المناخي إلى المستثمرين الباحثين عن عوائد مرتفعة.
و وفقاً لتقرير صادر عن Artemis بلغت إجمالي إصدارات هذه السندات 18.1 مليار دولار منذ بداية عام 2025، متجاوزة بذلك الرقم القياسي للعام الماضي بالكامل والبالغ 17.7 مليار دولار.
تأتي هذه الإصدارات في وقت يشهد العالم ظواهر جوية متطرفة متكررة، تشمل فيضانات مدمرة في كل من تكساس والصين، وموجات حر متتالية في أوروبا أدّت إلى حرائق وإغلاق مصالح تجارية.