أخبار عاجلة

بين أوهام التوسع وصراع السيادة.. ملامح شرق أوسط يُعاد تشكيله!

بين أوهام التوسع وصراع السيادة.. ملامح شرق أوسط يُعاد تشكيله!
بين أوهام التوسع وصراع السيادة.. ملامح شرق أوسط يُعاد تشكيله!

محمد سعد عبد اللطيف كاتب وباحث في الجيوسياسية

من خرائط سايكس - بيكو إلى أحلام إسرائيل الكبرى… كيف تتحول النصوص القديمة إلى أدوات ردع وخطط سياسية؟

من بازل 1897 إلى تصريحات نتنياهو اليوم، حلم "إسرائيل الكبرى" يتنفس بين النصوص الدينية والسياسات الواقعية، فيما تتقاطع ساحات الأردن وسوريا ولبنان على رقعة صراع لا تهدأ.

منذ أن كانت خرائط سايكس - بيكو حبراً على ورق، والمنطقة تعيش تحت سطوة مشروعات كبرى تتبدل شعاراتها لكن لا تتغير غاياتها. من حلم "إسرائيل الكبرى" إلى شعارات الوحدة العربية، ومن تحالفات الحرب الباردة إلى محاور النفوذ الراهنة، يظل الشرق الأوسط مسرحًا مفتوحًا تتداخل فيه الجغرافيا بالتاريخ، والسياسة بالعقيدة، والقوة بالمصالح. في هذا المسرح، كل تصريح، وكل زيارة، وكل اتفاق عسكري ليس حدثًا منفصلاً، بل خيطًا جديدًا في نسيج الصراع الممتد منذ قرن.

ومنذ ظهور فكرة تكوين كيان إسرائيلي في المؤتمر الصهيوني الأول بمدينة بازل عام.1897، كانت "إسرائيل الكبرى" مجرد مشروع فكري-ديني، يتنازعه داخل الحركة الصهيونية رأيان: الأول يرى أن قيام الدولة يتطلب ظهور "المسيح المخلص" أولاً، والثاني يسعى لتحقيقها بالقوة والسياسة. لكن بمرور الزمن، انتقلت الفكرة من الورق إلى الواقع، حتى قيام دولة إسرائيل عام 1948. وحتى فكرة تهجير الفلسطينيين التي ظهرت في النقاشات عام 1953، كانت آنذاك في خانة التصورات، قبل أن تتحول إلى سياسات أمر واقع لاحقًا.

اليوم، حين يخرج بنيامين نتنياهو - ليس كحاخام أو كاتب رأي، بل كرئيس وزراء - ليعلن تمسكه بمشروع "إسرائيل الكبرى"، فإن التصريح يأخذ بعدًا سياسيًا واستراتيجيًا لا يمكن تجاهله، خاصة في ظل قرارات ضم الضفة الغربية، وقبلها أجزاء من الجليل، وفي وقت تشهد فيه المنطقة محاولات لسحب سلاح المقاومة في لبنان وقطاع غزة. اللافت أن "معهد التوراة" عرض في وقت سابق خريطةً لهذا المشروع، تضم - حسب روايتهم - جنوب النيل في مصر، وفلسطين التاريخية، وشمال السعودية، والأردن، والعراق حتى الفرات، وسوريا ولبنان، استنادًا إلى ما ورد - على حد زعمهم - في سفر التكوين، الإصحاح 15: "لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ". والسؤال: هل يمكن أن يتحول هذا المشهد المرسوم منذ قرن إلى واقع سياسي في القرن الحادي والعشرين؟

في المشهد الراهن، تتقاطع ثلاث ساحات ساخنة تكشف حجم التعقيدات الجيوسياسية بين المشرق العربي ودوائره الإقليمية:

المشهد الأول - عمّان:

أرسلت الخارجية الأردنية رسالة دبلوماسية حازمة ضد تصريحات نتنياهو، معتبرةً أنها استفزاز استراتيجي يهدد استقرار الدول، وينتهك القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة. الموقف الأردني شدد على أن أوهام التوسع لن تنال من الأردن أو من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بل تكشف مأزق الحكومة الإسرائيلية، داعيًا لتحرك دولي عاجل لردع أي مشاريع توسعية.

المشهد الثاني - دمشق:

العمل جارٍ على اتفاقية تعاون عسكري شاملة مع دولة حليفة، تتجاوز التدريب وتبادل الخبرات إلى إصلاح شامل لقطاع الأمن، في سياق سياسي جديد أعقب تغييرات ميدانية كبرى. خطوة تشير إلى إعادة هيكلة الجيش السوري بما يتلاءم مع التوازنات الجديدة في المنطقة.

المشهد الثالث - بيروت:

زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، حملت رسائل سياسية أكثر من كونها بروتوكولية، في وقت يثار فيه ملف "حصر السلاح" داخل لبنان. اللقاءات أكدت دعم طهران للبنان، لكنها أعادت تثبيت معادلة أن قرار السلاح مرتبط بشبكة علاقات إقليمية، وسط تصريحات من حزب الله ترفض أي مساس بسلاحه وتحذيرات من تفجير المشهد الداخلي.

إن ما يجمع هذه الخيوط المتباعدة هو سؤال واحد قديم متجدد: من يملك حق القرار في هذه الأرض التي لم تعرف يومًا الهدوء الكامل؟

فالأردن يواجه أوهام التوسع الإسرائيلية بصلابة الدبلوماسية، ودمشق ترسم ملامح جيش ما بعد الحرب، وبيروت تتأرجح على حافة معادلة سلاحها بين الداخل والخارج. وفي الخلفية، تظل المنطقة رقعة شطرنج تتغير أحجارها، لكن أيدي اللاعبين الخارجيين لا تفارقها.

غير أن قراءة أعمق لتصريح نتنياهو تكشف أنه لا يُطرح فقط من منطلق أيديولوجي أو ديني، بل يستخدم أيضًا كأداة ردع ورسالة ضغط سياسي في آن واحد.فهو يوجّه إلى الداخل الإسرائيلي لتعزيز التماسك حول حكومة تواجه أزمات داخلية، وإلى الخارج كرسالة مفادها أن أي تسويات أو مفاوضات مستقبلية ستكون تحت سقف تصور "إسرائيل الكبرى" لا خارجه. وهذا النوع من التصريحات، في سياق التحولات الجارية، يفتح الباب أمام احتمالات مزيد من التصعيد في ملفات الحدود والسيادة، وربما يعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة إذا لم يُواجه بردع إقليمي ودولي حازم.. !!

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إنفوجراف: كيفية التقديم على وحدة بديلة للمستأجرين بقانون الإيجار القديم 
التالى إيران ترحب باتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان