ـ غزة تعانى من مستويات مرتفعة من البكتيريا المقاومة للأدوية نتيجة للحصار الإسرائيلى
ـ الجوع ينتشر بين سكان القطاع وعددهم 2.3 مليون نسمة مما يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض
ـ «لانسيت»: خطر البكتيريا المقاومة للأدوية سيتصاعد ما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية
كريستل موصلى: الأزمة تفاقمت بسبب التلوث الكبير لمصادر المياه و«غياب برامج التطعيم المناسبة»
تواجه غزة خطرًا صحيًا متسارعًا يتمثل في انتشار الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية على نطاق واسع داخل القطاع المدمر، وسط نقص حاد في الإمدادات الطبية.
وكشفت مجلة «لانسيت» الطبية، في دراسة جديدة لها بقسم الأمراض المعدية، وهي الأولى منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، عن انتشار البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة داخل القطاع، بالتزامن مع ارتفاع أعداد المصابين وتفاقم سوء التغذية بين السكان.
ويؤدي هذا الوضع إلى إطالة مدة المرض وزيادة شدته، وتسريع انتقال العدوى، وارتفاع معدلات الوفيات، خاصة في ظل ضعف كثير من السكان بسبب نقص الغذاء والدواء ووجود مستويات مرتفعة من هذه البكتيريا.
وقالت كريستل موصلي، مستشارة علم الأوبئة في منظمة أطباء بلا حدود والمؤلفة المشاركة في دراسات حول البكتيريا المقاومة للأدوية في غزة ومناطق نزاع أخرى في الشرق الأوسط، والتي لم تشارك في البحث: «هذا يعني أمراضًا أطول وأكثر خطورة، وارتفاع خطر انتقال العدوى إلى الآخرين، وزيادة خطر الوفاة من عدوى شائعة جدًا، إضافة إلى المزيد من عمليات البتر. إنها صورة مروعة».
واستندت الدراسة إلى أكثر من 1300 عينة من مستشفى الأهلي، حيث يوجد أحد مختبرات الأحياء الدقيقة القليلة التي لا تزال تعمل في غزة. وأظهرت ثلثا العينات، المأخوذة من مرضى على مدى عشرة أشهر العام الماضي، وجود بكتيريا مقاومة للأدوية المتعددة.
ووصف بلال عرفان، أحد مؤلفي الدراسة، النتائج بأنها «مثيرة للقلق بشكل خاص». وقال عرفان، وهو متخصص في الأخلاقيات الحيوية يجري أبحاثًا في مستشفى بريجهام والنساء بجامعة هارفارد وجامعة ميشيجان: «نحن لا نعرف حتى النطاق الحقيقي بسبب تدمير معظم المختبرات ومقتل عدد كبير من الطاقم الطبي، لذلك فإن الحصول على فكرة ولو بسيطة عما يحدث في غزة أمر بالغ الأهمية».
وأشار التحليل إلى أن غزة تعاني منذ عقود من مستويات مرتفعة من البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة نتيجة للصراعات المتكررة والحصار الإسرائيلي المفروض منذ عام 2007، عندما سيطرت حركة حماس على السلطة. لكن الوضع الحالي.
كما يؤكد الخبراء، غير مسبوق، إذ لم يقتصر الأمر على انهيار نظام الرعاية الصحية، بل دُمّرت أنظمة الصرف الصحي، وتوقف جمع النفايات الصلبة تقريبًا، وانتشر الجوع بين سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، مما جعل الكثيرين أكثر عرضة للإصابة.
وقالت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، إن إسرائيل يجب أن تسمح لها بتخزين الإمدادات الطبية لمواجهة الوضع الصحي «الكارثي» في غزة.
وأوضح ريك بيبركورن، ممثل المنظمة في الأراضي الفلسطينية: «نريد تخزين الإمدادات، وسمعنا جميعًا عن السماح بدخول المزيد من الإمدادات الإنسانية، لكن ذلك لم يحدث بعد أو يحدث بوتيرة بطيئة للغاية».
وبيّن بيبركورن من القدس أن غزة نفد منها أكثر من نصف الأدوية، وتمكنت المنظمة من إدخال إمدادات أقل مما كانت ترغب فيه «بسبب الإجراءات المعقدة» والمنتجات «الممنوعة من الدخول»، وهو ما يجري التفاوض بشأنه مع السلطات الإسرائيلية.
وأشار إلى أن 50% فقط من المستشفيات و38% من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل، وحتى تلك تعمل بشكل جزئي، فيما بلغت نسبة إشغال الأسرة 240% في مستشفى الشفاء و300% في مستشفى الأهلي، وكلاهما في شمال غزة. وقال: «لا يزال الوضع الصحي العام كارثيًا، والجوع وسوء التغذية يواصلان اجتياح غزة».
وأوضحت الدراسة أن ثلاثة أرباع العينات التي جرى تحليلها كانت من جرحى أصيبوا جراء الغارات الجوية الإسرائيلية أو هجمات مماثلة.
كما حذرت مجلة «لانسيت» من أن خطر البكتيريا المقاومة للأدوية سيتصاعد ما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية و«الاستهداف المتعمد للمستشفيات والمختبرات ومحطات تحلية المياه».
فيما أشارت كريستل موصلي إلى إن الأزمة تفاقمت بسبب التلوث الكبير لمصادر المياه و«غياب برامج التطعيم المناسبة» خلال الحرب.
