يينما أثر مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر الكابينت احتلال قطاع غزة، قالت وثائق تمّ تقديمها إلى وزارة العدل الأمريكيّة عن أنّه خلف الكواليس، تجري في الأشهر الأخيرة عملية لتنصيب حاكم جديد لغزة، وهو رجل أعمال فلسطيني بارز يُدعى سمير حليلة.
ووفق تقارير صحفية، فتشير المحادثات التي أجرتها منظمة (شومريم) مع المعنيين بالقضية، بالإضافة إلى وثائق قُدمت إلى وزارة العدل الأمريكيّة، إلى أنّ هذه محاولة لجلب شخصٍ إلى القطاع يعمل تحت رعاية جامعة الدول العربية، ويكون مقبولًا لدى إسرائيل والولايات المتحدة، ويسمح أخيرًا بـ “اليوم التالي” للحرب من حيث السيطرة على غزة.
ووفق موقع الرأي اليوم قالت منظمة (هشوميريم) الإسرائيليّة، التي أعدّت التحقيق ونشرته على موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، اليوم الثلاثاء، إنّ سمير حليلة (68 عامًا) يُدار من بين آخرين، من قِبل آري بن مناشي، وهو عضو مثير للجدل في جماعات الضغط، وهو إسرائيليٌّ سابقٌ يعمل من كندا، وكان قد عمل لسنواتٍ طويلةٍ في (الموساد)، وقال إن المبادرة اكتسبت زخمًا في الأسابيع الأخيرة، ويعود ذلك جزئيًا إلى اجتماعات عُقدت بهذا الشأن في الولايات المتحدة.
أوضح التحقيق أنّ حليلة، المقيم في رام الله، هو خبير اقتصاديّ، وشخصية سياسية وتجارية معروفة في السلطة الفلسطينية. تتضمن سيرته الذاتية مناصب عليا في سلطة رام الله، ويُعتبر حليلة مقربًا جدًا من رجل الأعمال بشار المصري، الملياردير الفلسطيني الأمريكي الذي كان وراء إنشاء مدينة روابي الفلسطينية، والمعروف بصلاته الجيدة.
وتُظهر الوثائق المُقدمة إلى وزارة العدل الأمريكية أنّ بن مناشيه سجّل نفسه كجماعة ضغط لصالح حليلة قبل عدة أشهر، وأنّ الهدف المعلن للحملة هو التأثير على صناع القرار الأمريكيين للترويج لترشيح حليلة لمنصب حاكم غزة.
وترتكز المبادرة على فكرة أنّ جميع الأطراف المعنية تُفضل أنْ يُدار القطاع من قِبل شخصيةٍ فلسطينيةٍ تعمل تحت رعاية واشنطن وجامعة الدول العربية، وأُطلقت هذه الخطوة العام الماضي، في نهاية ولاية جو بايدن، لكنها لم تكتسب زخمًا إلّا بعد وصول دونالد ترامب.
وزعمت وثائق إضافية، قُدّمت إلى وزارة العدل الأمريكية الأسبوع الماضي، إلى أنّ بن مناشيه ناقش القضية مع مسؤولين في قطر والسعودية ومصر، من بين جهات أخرى، وتحت رعاية جامعة الدول العربية.
في حديثٍ معه، أكد بن مناشي تفاصيلَ قضية حليلة، وأوضح أنّ الترويج لهذه الخطوة مهمٌّ له شخصيًا، وليست مجرد مسألة تجارية. وقال: “إنّها مفيدةٌ لليهود”. ووفقًا له، يجري الترويج للأمر مع كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، بهدف أنْ يتصرف حليلة تحت رعاية جامعة الدول العربية، وخاصةً مصر والسعودية. وبهذه الطريقة، سيتّم حل المعارضة الإسرائيلية لدخول سلطة رام الله رسميًا إلى قطاع غزة، مُضيفًا أنّه تمّ إحراز تقدمٍ كبيرٍ في هذه القضية في الأسابيع الأخيرة، لكنه لم يُفصّل أكثر.
كما تشير الوثائق التي قدمها للولايات المتحدة إلى أنّ الخطة تتضمن نشر قواتٍ أمريكيّةٍ وعربيّةٍ في قطاع غزة، واعتراف الأمم المتحدة بوضع غزة الخاص.
بدا حليلة نفسه، في حديث دار معه أثناء وجوده في عمّان، أكثر تحفظًا. وحسب قوله، فإنّ المبادرة وُلدت من بن مناشيه نفسه، الذي جاء من كندا لمقابلته، وعرض عليه الفكرة، فقبلها. وعندما سأله (شوميريم) عن الجهة التي تُموّل نشاط الضغط، أجاب: “لم يكن المال يومًا مشكلة هنا”، وأضاف أنه دفع لبن مناشيه حتى الآن 130 ألف دولار للترويج لهذه القضية. يُذكر أن العقد المبرم بين حليلة وشركة بن مناشيه يبلغ إجمالي قيمته حوالي 300 ألف دولار.
ووفقًا لحليلة، فإنّ الخطوة الأولى الضرورية للدفع بهذه القضية هي التزام الأطراف بوقف إطلاق نار دائم وإنهاء الحرب، موضحًا: “عندها فقط يمكننا الحديث عن اليوم التالي، وعندما يتحقق ذلك، يرى نفسه قادرًا على إدارة مشروع إعادة إعمار غزة”.
وتشمل خطته لهذا “إدخال كميات كبيرة من المساعدات، ما لا يقل عن 600 إلى 1000 شاحنة يوميًا، وفتح ما لا يقل عن أربعة أو خمسة معابر حرة للبضائع التي لن تتمكن إسرائيل من تقييدها”.
وفي الوقت نفسه، يضيف حليلة، يجب إعادة فرض القانون والنظام في القطاع “يحتاج الناس إلى الشعور بوجود سلطة في القطاع، ليست السلطة الفلسطينية أوْ حماس، بل سلطة يجب احترامها، لافتًا إلى أنّه لا يمكن أنْ يمتلئ القطاع بأسلحة (بقايا حماس أو الجهاد)، لأنّ الناس بحاجة إلى الشعور بالأمان في منازلهم”.
وتابع أنّ المرحلة التالية في إعادة إعمار القطاع ستكون ضخّ مبالغ طائلة فيه، ووفقًا لحساباته، سيصل المبلغ 53 مليار دولار، وهو المبلغ الذي يجب استثماره في إعادة إعمار غزة. وأضاف: “لقد حددنا دول الخليج الراغبة في الاستثمار، لكننا بحاجة أيضًا إلى استثمارات كبيرة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيّ”.
ويؤكد مجددًا أنه لن يتحقق أيّ تقدّمٍ قبل انتهاء الحرب، ولكن هناك بصيص أمل في كلماته. ويقول إنّه في الأيام الأخيرة، يبدو أنّ إسرائيل وافقت لأولّ مرّةٍ على مناقشة إنهاء الحرب، وليس مجرد وقف إطلاق نار مؤقت، وهذا بالتنسيق مع الولايات المتحدة.
ووفق موقع الرأي اليوم يبدو أنه يستمد بعض التشجيع من تصريح مبعوث ترامب لقضية الرهائن، ستيف ويتكوف، الذي قال مؤخرًا في اجتماع مع عائلات الرهائن إنّ “الخطة ليست توسيع نطاق الحرب، بل إنهاؤها. نعتقد أنّه يجب تغيير مسار المفاوضات إلى خيار إمّا كل شيء أوْ لا شيء. إنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن في آنٍ واحدٍ، هذا هو السبيل الوحيد”.
ومنذ ذلك الحين، وكما هو معلوم، صوّت مجلس الوزراء ضد موقف جيش الاحتلال والمؤسسة الأمنية من خطة الاحتلال الكامل لقطاع غزة، مع نقل سكان القطاع إلى مناطق محددة. هل هذه خطة عملياتية أم مجرد وسيلة للضغط على حماس؟ كفيلٌ بالإجابة على ذلك الوقت.
في السياق، أعلن وزير الخارجية السفير بدر عبد العاطي أن القاهرة تعمل مع قطر والولايات المتحدة لإحياء هدنة الستين يوما في غزة في إطار مساع جديدة لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وصرح عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي في القاهرة “نبذل جهدا كبيرا حاليا بالتعاون الكامل مع القطريين والأميركيين”.
واوضح أن “الهدف الرئيسي هو العودة الى المقترح الاول – وقف لإطلاق النار لستين يوما – مع الأفراج عن بعض الرهائن وبعض المعتقلين الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة بدون عوائق وبدون شروط”.
واضاف الوزير “نتحدث مع حماس والإسرائيليين، ونسعى للتوصل الى اتفاق” بالاستناد إلى خطة أميركية حديثة.
وشدّد على أن “الهدف الأهم يكمن في الدفع نحو وقف إطلاق النار ووقف المجاعة ووقف قتل الأبرياء”.
وتابع عبد العاطي “إذا كان هناك من أفق سياسي، فسندفع باتّجاه” وجود “سلطة واحدة وسلاح واحد”، موضحا “هذا ما ندفع باتّجاهه، هذا ما ندعمه”.
وأضاف “سندعم نشر قوات دولية في غزة، بما في ذلك قوات عربية، بهدف رئيسي هو تهيئة الفلسطينيين لقيام الدولة”.
وقال مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات إن “الوسطاء بصدد بلورة مقترح جديد لاتفاق شامل لوقف النار، يتضمن صفقة تبادل جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء والأموات دفعة واحدة”.
وتقوم مصر وقطر والولايات المتحدة بجهود وساطة بين إسرائيل وحركة حماس للتوصل الى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. واستمرت آخر جولة مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين في الدوحة أسابيع برعاية الوسطاء، قبل أن تنتهي في 25 يوليو من دون أن تسفر عن نتيجة.
وغادر وفد حماس، بعد أيام قليلة من انسحاب الوفدين الأميركي والإسرائيلي.
ثم حمل المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف حماس مسؤولية فشل المحادثات، مشيرا إلى أن واشنطن ستدرس الآن “خيارات أخرى” في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
وانهارت هدنة في يناير بعد شهرين من التوصل اليها بسبب عدم التوصل إلى اتفاق دائم بين الجانبين.