خرجت دول الخليج العربية من الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على إيران في يونيو الماضي دون خسائر كبرى، باستثناء ضربة صاروخية إيرانية محدودة استهدفت قاعدة جوية أمريكية في قطر.
ورغم قصر أمد الحرب، التي اعتُبرت جزءًا من الصراع الإقليمي الأوسع، فقد كشفت هشاشة الوضع الأمني لدول الخليج، وفق دراسة حديثة لمعهد الشرق الأوسط في واشنطن.
التطبيع لم يحمِ الخليج من تهديدات طهران
رغم محاولات دول الخليج في السنوات الأخيرة لتطبيع العلاقات مع إيران، لم تتردد طهران في تهديد القوات الأمريكية المتمركزة على أراضيها، كما حدث في استهداف قطر.
العلاقات الوثيقة مع واشنطن لم تمنع إدارة ترامب من التغاضي عن الهجوم، بل أشاد الرئيس الأمريكي بإيران لوصفه ضرباتها بـ"المحدودة"، ما أعاد إلى الأذهان أحداث 2019 حين تعرضت منشآت نفطية سعودية لهجوم إيراني دون رد أمريكي.
أدوار هامشية في صراع إقليمي محتدم
خلال حرب يونيو 2025، لم تملك دول الخليج تأثيرًا يُذكر على الأطراف المتحاربة - إسرائيل، إيران، أو الولايات المتحدة - وبقيت في موقع المتفرج رغم إنفاقها العسكري الضخم.
ومع توقف المعارك في الخليج، يُنتظر أن تستثمر السعودية وجيرانها قدراتهم المالية والدبلوماسية لاستعادة دورهم كلاعبين إقليميين نشطين، لا مجرد مراقبين.
الخليج وإيران: من المواجهة إلى التهدئة
لم تُبدِ السعودية دعمًا قويًا لقصف المنشآت النووية الإيرانية رغم تاريخها الطويل من التنافس مع طهران.
فبعد سنوات من التصعيد، اتجهت الرياض وأبوظبي إلى سياسة أكثر هدوءًا، مدفوعةً بأجندات اقتصادية مثل "رؤية 2030" التي تتطلب استقرارًا إقليميًا.
في المقابل، حافظت دول أخرى مثل قطر وعُمان والكويت على علاقات عملية مع إيران لأسباب جغرافية واقتصادية.
الموقف المشترك: لا للحرب المفتوحة
رغم خلافاتها مع طهران، لا ترغب أي دولة خليجية في الانجرار إلى صراع عسكري مباشر، كما برهنت تجربة قطر الأخيرة.
ومع أن دول الخليج لن تدعم حملة "ضغط أقصى" جديدة، فإنها مستعدة للعب دور الوسيط إذا اتجهت واشنطن نحو مفاوضات نووية جديدة مع إيران.
الخليج وإسرائيل: فرص التطبيع ومعوقاته
تنقسم المواقف الخليجية تجاه إسرائيل: الإمارات والبحرين وقعتا اتفاقيات إبراهام، بينما تتعامل عمان وقطر بحذر، وتظل الكويت متحفظة.
السعودية، التي تمثل الجائزة الكبرى، تشترط ضمانات أمنية أمريكية ودعمًا نوويًا وحلًا للقضية الفلسطينية قبل الاعتراف.
حرب غزة رفعت كلفة التطبيع وأبرزت البعد الإنساني للأزمة، بينما ترفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية، مما يعقد المفاوضات.
النفوذ الأمريكي وتعقيدات الشراكة
أظهرت حرب يونيو أن الولايات المتحدة تظل القوة الوحيدة القادرة على ترجيح كفة الصراع في المنطقة، مما عزز اعتماد الخليج عليها رغم توسع علاقاته مع الصين وروسيا.
زيارة ترامب الأخيرة للخليج أسفرت عن وعود باستثمارات ضخمة قد تسهم في مشاريع إقليمية مثل إعادة إعمار سوريا وغزة إذا استُغلت بذكاء سياسي.
سوريا بعد الأسد: تحديات الفراغ السياسي
أدى سقوط نظام بشار الأسد أواخر 2024 إلى تغير جيوسياسي كبير. وبعد سنوات من القطيعة، انخرطت دول الخليج في دعم النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع، رغم المخاوف من نفوذ تركيا وماضي الشرع الجهادي.
قدمت السعودية وقطر دعمًا ماليًا كبيرًا، وساهمت في رفع العقوبات الأمريكية عن دمشق، لكن إعادة الإعمار تتطلب جهدًا دوليًا منسقًا لتجنب الفوضى وتعزيز الاستقرار الإقليمي.