في مشهد يتقاطع فيه الاقتصاد بالطاقة والدبلوماسية، تتحرك مصر بخطوات مدروسة لإعادة تموضعها على خريطة تجارة الغاز العالمية، فبينما تتأهب موانئها لاستقبال شحنة تصدير جديدة، تتشابك خطوط الأنابيب والاتفاقيات في شرق المتوسط لتصنع مسارًا جديدًا للطاقة يربط الشواطئ القبرصية بالمصانع المصرية، في محاولة لتعويض التراجع المحلي وتحويل التحديات إلى فرص استراتيجية.
تصدير شحنة جديدة من الغاز الطبيعي المسال
أكد مصدر بارز في وزارة البترول أن مصر تستعد خلال سبتمبر المقبل لتصدير شحنة جديدة من الغاز الطبيعي المسال عبر مصنع إدكو للإسالة، وذلك ضمن خطة موسعة لتعزيز حضورها كمركز إقليمي للطاقة.
وأوضح المصدر أن الشحنة، التي تتبع شركة شل العالمية، تأتي في إطار سياسة جديدة تهدف إلى تشجيع الشركات الأجنبية على زيادة الإنتاج، من خلال حوافز تشمل السماح بتصدير جزء من الإنتاج الإضافي، وجدولة سداد المستحقات المالية، ورفع أسعار شراء الغاز الجديد.
سياسة جديدة تهدف إلى تشجيع الشركات الأجنبية على زيادة الإنتاج
وشهدت مصر في أبريل 2025 تصدير 48 ألف طن من الغاز المسال، في أول شحنة منذ أبريل 2024، قبل أن تتوقف عن التصدير وتلجأ للاستيراد لأول مرة منذ عام 2018 نتيجة تراجع الإنتاج وارتفاع الطلب المحلي.
وخلال عام 2024، بلغت صادرات الغاز المسال 0.540 مليون طن، مقابل 3.38 مليون طن في 2023، بينما استوردت البلاد 2.8 مليون طن في العام نفسه، إضافة إلى 1.45 مليون طن في أول أربعة أشهر من 2025، ليصل الإجمالي إلى 4.25 مليون طن منذ عودة الاستيراد.
احتياطيات قبرص تُقدّر بـ15 تريليون قدم مكعب موزعة على خمسة حقول رئيسية
وتسعى القاهرة لاستغلال كامل قدراتها في شرق المتوسط، بعد انخفاض إنتاج الغاز إلى 3.8 مليار قدم مكعب يوميًا بفعل التناقص الطبيعي للحقول، مستفيدة من امتلاكها لمصنعي إسالة في دمياط وإدكو بقدرة إنتاجية تتجاوز 12 مليون طن سنويًا.
وبالنظر إلى افتقار قبرص للبنية التحتية، تُعد مصر الخيار الأمثل لمعالجة وتسييل الغاز القبرصي وتصديره للأسواق الأوروبية، خاصة أن احتياطيات قبرص تُقدّر بـ15 تريليون قدم مكعب موزعة على خمسة حقول رئيسية.
وفي هذا السياق، عقد المهندس كريم بدوي، وزير البترول، سلسلة اجتماعات مع نظيره القبرصي جورج باباناستاسيو لبحث الإسراع في تطوير الحقول القبرصية مثل "كرونوس" و"أفروديت"، وربطها بالمنشآت المصرية بحلول 2027.
كما بحث الجانبان الموقف التنفيذي للمشروعات، وأعمال المسح البحري لمسارات خطوط الأنابيب، والتأكيد على التزام الجداول الزمنية، في إطار استراتيجية وزارة البترول لتعزيز التعاون الإقليمي وضمان أمن الطاقة في المنطقة.
وبحسب الوزير بدوي، فإن مصر مستعدة لتذليل أي عقبات قد تعترض تنفيذ هذه المشاريع، بما يفتح ممرًا جديدًا للطاقة يخدم مصالح البلدين، ويعزز من مكانة القاهرة كمحور رئيسي في تجارة الغاز العالمية.
