ناقش الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائهما الثالث في البيت الأبيض، خطة لنقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول أخرى بزعم أنها ستتم "طوعًا"، في خطوة اعتبرها محللون تصعيدًا خطيرًا في التعاطي مع مستقبل القطاع.
وخلال اللقاء، أشار نتنياهو إلى أن هذه الخطة تتماشى مع "رؤية ترامب" لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، عبر إعادة تطويرها كوجهة سياحية فاخرة، بعد إخلائها من سكانها الفلسطينيين.
وأكد نتنياهو أن إسرائيل تعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة لإيجاد دول "مستعدة لاستقبال الفلسطينيين"، زاعمًا أن الخيار سيكون "حرًا" لمن يريد المغادرة، بينما سيبقى من يرفض تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة.
بحسب مجلة تايم، أبدى نتنياهو دعمًا صريحًا للخطة، وقال إن المحادثات مع "عدة دول" حول استقبال الفلسطينيين "تقترب من التحقق"، بينما أشار ترامب إلى "تعاون كبير" من دول مجاورة لإسرائيل، دون أن يذكر أسماء محددة.
لكن هذه التصريحات أثارت موجة إدانات دولية، إذ وصفت منظمات حقوقية، من بينها "العفو الدولية"، الخطة بأنها "تطهير عرقي مقنّع تحت غطاء التنمية"، معتبرة أنها تنتهك القانون الدولي وتعمّق الكارثة الإنسانية.
رفض صريح لحل الدولتين
أكد نتنياهو مجددًا رفضه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، قائلًا إن هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 يثبت أن "الفلسطينيين لا يمكنهم إدارة دولة مجاورة دون تهديد لأمن إسرائيل".
وأضاف أن إسرائيل ستحتفظ بـ"السيطرة الأمنية الكاملة" على غزة، مع منح الفلسطينيين "إدارة ذاتية محدودة" دون أي صلاحيات أمنية.
هذا الموقف يمثل انحرافًا عن السياسة الأميركية التقليدية الداعمة لحل الدولتين، ويأتي في وقت تحاول فيه واشنطن التوسط في اتفاق وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحماس.
موقف عربي حازم
بحسب سي إن إن، واجهت الخطة رفضًا عربيًا حازمًا، إذ أكدت مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات تمسكها بحق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، ورفضت أي حديث عن تهجيرهم إلى دول أخرى.
من جهتها، نفت ليبيا عبر هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أي مباحثات حول استقبال لاجئين فلسطينيين، بعد تقارير زعمت أنها قد تستقبل مليونًا منهم.
كما رفضت حركة حماس بشكل قاطع أي خطة للتهجير، معتبرة المقترح "محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتغيير تركيبة غزة السكانية"، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وحق العودة.
الأزمة الإنسانية تتفاقم وسط الجمود السياسي
يأتي هذا الجدل في ظل استمرار حرب غزة التي اندلعت في أكتوبر 2023، والتي أودت بحياة أكثر من 57 ألف فلسطيني وشرّدت نحو 80% من السكان، بحسب وزارة الصحة في غزة ومصادر أممية.
وتحذّر وكالات الأمم المتحدة من أن نصف مليون شخص في القطاع يواجهون المجاعة، فيما تتواصل المفاوضات في الدوحة حول وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن نحو 50 رهينة لدى حماس، وسط تضارب في الشروط بين الجانبين.
مقترح قد يُفشل التهدئة
بحسب يو إس إيه توداي، فإن تصريحات نتنياهو بشأن "النقل الطوعي" للفلسطينيين قد تزيد تعقيد المفاوضات الجارية، رغم تأكيد ترامب على "تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق خلال الأسبوع القادم".
لكن محللين يرون أن طرح هذه الخطط المثيرة للجدل في توقيت حساس يعكس تصاعدًا في الخطاب المتطرف داخل الائتلاف الإسرائيلي، ويعزز المخاوف من وجود استراتيجية منظمة لإعادة تشكيل الواقع الديموغرافي والسياسي في غزة.
