أخبار عاجلة
تعرفى على أفضل الطرق لتخزين البامية -
لكل ربة منزل.. أفضل الطرق لتخزين الأسماك -

المهندس/ محمد حسن الوكيل يكتب: أطباء الامتياز الكنز المفقود

المهندس/ محمد حسن الوكيل يكتب: أطباء الامتياز الكنز المفقود
المهندس/ محمد حسن الوكيل يكتب: أطباء الامتياز الكنز المفقود

 

يستعرض هذا المقال الواقع المؤلم لهذه الشريحة الطبية الواعدة التي كثيرا ما يمر حضورها مرور الكرام، رغم أنها تشكل العمود الفقري للمستشفيات الجامعية. هؤلاء الأطباء هم مستقبل المنظومة الصحية في مصر. تدريبهم وتأهيلهم الصحيح يعني قوة للنظام الطبي وللمواطنين. تعاملنا معهم وكأنهم قوى عاملة" وليس كوادر طبية ناشئة" يعد تضحية بخبرة محتملة مستقبلا.
إذا كان التدريب هو الهدف المعلن لوزارة التعليم العالي لفترة الامتياز، فإن الواقع يقول بوضوح: لا تخطيط لا تقييم، لا متابعة، ولا تطوير حيث أن غياب الخطة التدريبية والتقييم المرحلي هو العنوان الرئيسي في غالبية كليات الطب المصرية، لا توجد خطة تدريبية حقيقية واضحة المعالم تضمن تحقيق الحد الأدنى من المهارات السريرية والتعليم الطبي التطبيقي. أطباء الامتياز يُوزّعون عشوائيًا على الأقسام دون أهداف تدريبية محددة أو أدوات تقييم مرحلية. فلا يُطلب منهم اجتياز اختبارات مهارية (OSCE (مثلا)، ولا تُعقد اجتماعات تقييم دورية ترصد تقدمهم أو تراجعهم.
ما يحدث فعليًا أن الطبيب الشاب يتحوّل من "متدرّب" إلى "عامل إداري أو مساعد تمريض"، يكتسب بعض المهارات فقط بالاحتكاك الذاتي، بينما لا أحد يسأله هل تطورت؟ هل فهمت؟ هل تعلمت؟
الجامعة.. دور غائب في الإشراف والتطوير، يُفترض أن الجامعة، كمؤسسة تعليمية، تقود عملية تدريب أطباء الامتياز. لكن الواقع يفيد أن الجامعات تتخلّى عن هذا الدور، وتكتفي بتحديد جدول الأقسام، دون مراجعة محتوى التدريب أو متابعته فعليًا.
لا توجد منظومة تسجيل واضحة لحضور المحاضرات السريرية (إن وجدت)، ولا مراقبة لمدى التزام الأقسام بتوفير بيئة تعليمية، بل إن بعض الكليات لا توفر حتى دفترًا لتسجيل ملاحظات التدريب أو تقييمات الأقسام، بل ويُترك الطالب في آخر فترة الامتياز ليتفاجأ بتوقيع استمارات التقييم (غالبًا شكليًا) دون أي تقييم فعلي.
الأساتذة.. أين الخبرة من بناء الجيل القادم؟
عدد كبير من أساتذة الطب الكبار لا يشاركون فعليًا في تدريب أطباء الامتياز. في منظومة يفترض أنها تعتمد على التوجيه والخبرة، نجد أن المستشفيات تعاني من نقص الإشراف المباشر، وأن الامتياز يُتركون غالبًا للمقيمين أو الزملاء الأقدم سنا دون تدخل فعلي من الأستاذ الجامعي. بهذا تغيب الفرصة الذهبية: أن يتعلم طبيب الامتياز من "الكبار"، من أصحاب الخبرة الإكلينيكية والتعليمية، وأن يتلقى تقييما ونقدًا بناء يشكل مستقبله.

الدولة. غياب الدعم المادي والمعنوي لشباب النخبة.
أطباء الامتياز ليسوا طلابًا فقط، بل هم شباب في مقتبل العمر يحملون مسؤولية خطيرة لكن الدولة، حتى الآن، لم توفر لهم الدعم الكافي، لا ماديًا (كما أوضحنا سابقًا في ضعف المكافآت وعدم كفاية السكن الجامعي، ولا معنويا. لا توجد حملة إعلامية حقيقية تبرز دور هؤلاء الأطباء. لا توجد مخصصات من وزارة الصحة لتطوير منظومة تدريب الامتياز. لا توجد جهة رقابية تتابع تطبيق قانون الامتياز أو تراقب ممارسات المستشفيات الجامعية.
والأخطر: لا يوجد حافز أو دافع يُشعر هذا الطبيب الشاب بأنه يُقدَّر، أو أن مستقبله في بلده مضمون، الصفوة تُهمّش: خسارة لمصر قبل أن تكون لهم هؤلاء الشباب ليسوا عاديين دخولهم كليات الطب في مصر يستلزم أعلى مجاميع في الثانوية العامة، ويقضون سنوات طويلة من الدراسة المضنية، ثم يُساقون إلى تدريب يُفترض أن يكون ذروة التجربة التعليمية - لكنه يُصبح عبئًا نفسيًا ومهنيًا.
الهجرة أصبحت الحلم الوحيد لكثيرين منهم، لأنهم شعروا بأن لا الدولة ترعاهم، ولا الجامعات تُنصفهم، ولا الأساتذة يُعلمونهم، ولا المجتمع يُقدّرهم.
وهكذا تخسر مصر صفوتها، نخبتها التي أنفقت الدولة عليهم من المال العام، ثم تتركهم يتسربون إلى الخارج دون أن تُحاول حتى الإمساك بهم، طبيب الامتياز في مصر هو كنز مفقود، بل هو فرصة ضائعة إن استمر الحال على ما هو عليه. الإصلاح لا يحتاج معجزات؛ فقط يحتاج رؤية – مسؤولية – إرادة.

                                               

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تنسيق الجامعات.. 92.65%؜ الحد الأدنى لكليات طب الأسنان بتنسيق المرحلة الأولى
التالى تنسيق الجامعات ٢٠٢٥.. ٩١.٨٧٪؜ الحد الأدنى لكليات الصيدلة بتنسيق المرحلة الأولى