في مياه العين السخنة، ترسو عملاقة فولاذية أشبه بمدينة عائمة، تحمل اسم "إنرجوس إسكيمو"، لتصبح حارس أمن الطاقة المصري في زمن التحديات العالمية، وليست مجرد سفينة، بل هي جسر يربط الغاز من أقاصي البحار إلى قلب الصناعة والكهرباء، مانحة البلاد قدرة على مواجهة ذروة الاستهلاك بثبات، وتحويل لحظات الخطر إلى فرص اقتصادية.
تمتلك سعة تخزينية تقارب 160.7 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال
في ظل تقلبات أسواق الطاقة العالمية، برزت وحدة التخزين وإعادة التغويز العائمة "إنرجوس إسكيمو" كأحد أهم الحلول الإستراتيجية لمصر لضمان تدفق الغاز الطبيعي دون انقطاع.
هذه الوحدة، التي ترسو في ميناء العين السخنة، تمتلك سعة تخزينية تقارب 160.7 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال، وتصل قدرتها على إعادة التغويز إلى 750 مليون قدم مكعب يوميًا، ما يجعلها عنصرًا حاسمًا في سد أي فجوة في الإمدادات خلال فترات الذروة.
إيجار مدته 10 سنوات مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيجاس
شُيدت السفينة عام 2014 في أحواض سامسونغ بكوريا الجنوبية، بطول يبلغ 281 مترًا وعرض 44 مترًا، وبوزن ساكن يقارب 80 ألف طن، وبدأت رحلتها التشغيلية في ميناء العقبة بالأردن عام 2015 تحت اسم "جولار إسكيمو"، قبل أن تنتقل إلى مصر بموجب عقد إيجار مدته 10 سنوات مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، وبدأت عملها رسميًا في ديسمبر 2024.
في 15 يوليو 2025، استقبلت "إنرجوس إسكيمو" أول شحنة غاز مسال في السخنة، ما ضاعف القدرة الإجمالية لمصر على إعادة التغويز إلى 1.5 مليار قدم مكعب يوميًا، مع خطط للتوسع إلى 2.7 مليار قدم مكعب يوميًا.
تعمل الوحدة على استقبال شحنات الغاز، تخزينها في خزانات معزولة، ثم إعادة تحويلها إلى الحالة الغازية وضخها مباشرة في الشبكة القومية، مما يوفر لمصر مرونة تشغيلية عالية وسرعة استجابة لأي طارئ.
فوائدها الاقتصادية تمتد من ضمان استقرار تغذية محطات الكهرباء والمصانع، إلى إتاحة فرص تفاوضية أفضل في شراء الغاز من الأسواق العالمية، وصولًا إلى تقليل الاعتماد على الوقود السائل وخفض الانبعاثات.
كما تساهم في تثبيت تشغيل مصانع الأسمدة والبتروكيماويات والحفاظ على الصادرات، فضلًا عن دورها في تعزيز موقع مصر كمركز إقليمي للطاقة بفضل البنية التحتية المتكاملة للاستيراد والتصدير.
"إنرجوس إسكيمو" ليست مجرد وحدة بحرية، بل أداة إستراتيجية تمنح مصر قدرة على المناورة في سوق الطاقة العالمي، وتحصنها أمام تقلبات الإمداد وأسعار الوقود، لتبقى على أهبة الاستعداد مهما اشتدت رياح الأزمات.