لم يتردد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في توجيه ضربة قوية لسويسرا بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 39% في خطوة وصفت بأنها "صفعة" قاسية، فيما لا تخطط برن حتى الآن لاتخاذ إجراءات مضادة.
وأشارت مجلة "لوبوان" في مقال لها إلى أن هذا السيناريو كان مستبعدا في نظر السويسريين، لكنه تحقق، فرغم حياد بلادهم ورغم علاقاتها المالية مع الولايات المتحدة وحتى رغم صفقاتها لشراء مقاتلات "إف-35" ومنظومات باتريوت الأمريكية بدلا من الطائرات الفرنسية من طراز رافال، تلقت سويسرا ضربة موجعة على الصعيد التجاري على يد دونالد ترامب.
ففي الأول من أغسطس، الذي يوافق العيد الوطني السويسري، أعلن ترامب فرض الرسوم الجمركية ودخل القرار حيز التنفيذ في 7 أغسطس، وتمثل نسبة الـ39% تقريبا فائض الميزان التجاري السويسري مع الولايات المتحدة والذي يبلغ 40 مليار دولار، وفق ما ذكره ترامب عدة مرات، متناسيا أن الاستثمارات السويسرية في بلاده تصل إلى 350 مليار دولار، وهو سادس أعلى رقم عالمي لبلد يبلغ عدد سكانه تسعة ملايين نسمة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تلقت شركات الأدوية العملاقة السويسرية رسالة مباشرة من ترامب يطالبها فيها بخفض أسعار الأدوية في السوق الأمريكية، مهددا باستخدام "جميع الوسائل المتاحة لحماية العائلات الأمريكية من ممارسات تسعير الأدوية التعسفية".
والأسوأ من ذلك أنه حتى يوم الخميس، أي بعد يومين من إعلان نسبة الـ 39%، بدت الحكومة السويسرية غير مصدقة لما يحدث فقد قامت الرئيسة الدورية للاتحاد الفيدرالي ووزيرة المالية كارين كيلر سوتر، برفقة وزير الاقتصاد جي بارميلان، بزيارة عاجلة إلى واشنطن في محاولة لإنقاذ الموقف، لكن دون جدوى.
وقال بارميلان، خلال مؤتمر صحفي في برن، "أدركنا أن الرئيس الأمريكي يتخذ القرارات بمفرده بغض النظر عن أي خطط مقترحة".
وقد شهد التاريخ بين البلدين بالفعل توترات سابقة في عام 1996، وفي مطلع عام 2009.
وتساءلت المجلة الفرنسية ما إذا كان السويسريون قد أدركوا أن ثراءهم المفترض جعلهم هدفا مثاليا لترامب وأقر عضوا المجلس الاتحادي العائدان من واشنطن يوم الخميس بالكارثة، لكنهما حرصا على عدم توجيه انتقادات لدونالد ترامب أو اتخاذ أي إجراءات انتقامية في هذه المرحلة أيضا.
ولم يعد يبقى أمام سويسرا التي لا تزال متحفظة على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، سوى خيار واحد وهو إعطاء الأولوية لضمان وصولها إلى السوق الأوروبية الموحدة، وهو ما تم تتوجيه باتفاق ثنائي مع بروكسل أبرم في 20 ديسمبر، وسيعرض على التصويت الشعبي في عامي 2027 أو 2028.