أصدر البنك المركزي الليبي تحذيرا صارما بشأن تزايد خطر العزلة المصرفية الدولية، مسلطا الضوء على خطر تآكل الثقة الأجنبية في المؤسسات المالية للبلاد.
أكدت اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومقرها المصرف المركزي، على الحاجة الماسة إلى إطار تشريعي ومؤسسي شامل يتماشى مع المعايير الدولية.
وأوضحت أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية مكانة ليبيا في النظام المالي العالمي، وتجنب التصنيفات السلبية التي تضر بسمعة البلاد وتهدد استقرارها الاقتصادي.
ولفتت اللجنة الانتباه إلى التقارير الدولية التي أشارت إلى وجود أنشطة مالية مشبوهة يشتبه في مرورها عبر النظام المصرفي الليبي، وحذرت من أنها تشكل دليلا على بيئة تنظيمية هشة تجعل البلاد عرضة للتدقيق القانوني الدولي.
وفي بيان، حذرت اللجنة من أن التهديدات التي يتعرض لها النظام المالي الليبي تتزايد، وأن مواجهتها مسؤولية وطنية تتطلب عملاً منسقاً بين جميع المؤسسات ذات الصلة.
وأشارت إلى أن المطالبات الدولية المتزايدة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب المخاوف التي أثيرت في التقارير الأجنبية، تجعل من الضروري لليبيا اعتماد إطار تشريعي ومؤسسي قوي يتماشى مع المعايير العالمية، لضمان استمرار التكامل مع الأسواق الدولية.
جاء هذا التحذير في أعقاب الاجتماع الدوري الثاني للجنة، الذي عقد اليوم الاثنين بمقر مصرف ليبيا المركزي بطرابلس، برئاسة المحافظ ورئيس اللجنة ناجي محمد عيسى، وحضور ممثلين عن عدد من أجهزة الدولة.
استعرض الاجتماع استعدادات ليبيا للتقييم المتبادل القادم من قِبل مجموعة العمل المالي (FATF)، وناقش نقاط الضعف الخطيرة الناجمة عن غياب تشريعات تُجسّد المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل كامل، كما دُرست تقارير المنظمات الدولية التي تربط الأنشطة المالية غير المشروعة بالدولة الليبية.
وفقًا لمؤشر الجريمة الاقتصادية الدولية لعام ٢٠٢٥، الصادر عن شركة "سكرتارية"، وهي شركة استشارات قانونية وإدارة مخاطر، تُصنّف ليبيا حاليًا ضمن الدول العشر الأكثر عرضة للجرائم المالية في العالم، ويشير المؤشر إلى ارتفاع مستويات الفساد وغسل الأموال والجريمة الاقتصادية المنظمة، وهي عوامل تُنذر بتآكل الأسس السياسية والاقتصادية للبلاد.
كما أشار التقرير إلى أن ضعف آليات الرقابة في ليبيا وغياب التشريعات الرادعة جعلاها معبرًا رئيسيًا للأموال غير المشروعة والتهريب وتمويل الجماعات المسلحة، وتشهد الجرائم المالية الإلكترونية ارتفاعًا حادًا، مع توقعات بزيادة قدرها 60% بحلول نهاية عام 2025، ويعزى ذلك جزئيًا إلى إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال والقرصنة.
ومن المؤشرات الأكثر وضوحا على تفاقم الأزمة المالية في ليبيا تسييس قطاع النفط، الذي أصبح أداة للسلطات الحاكمة لشراء الولاءات وتعزيز السلطة في مواجهة المنافسين.
وتؤكد التقارير المحلية والدولية أن عائدات النفط نادرًا ما تُوجَّه لإعادة الإعمار أو تحسين الظروف المعيشية، بل تُستخدم لتمويل الميليشيات ومنح امتيازات اقتصادية لقادة الأمن والجماعات المسلحة المتحالفة مع الحكومة.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط عرضة بشكل خاص للضغوط السياسية، حيث تخضع قراراتها لمراكز القوى المتنافسة، في حين يتم توزيع الإيرادات خارج الأطر القانونية الشفافة في غياب الرقابة الفعالة.
لا يقتصر الفساد على قطاع النفط، بل يمتد إلى قطاعات حيوية، بما في ذلك البنية التحتية والطاقة والتعليم والخدمات المصرفية. وتشير تقارير هيئات الرقابة الدولية إلى أن ما يقرب من 40% من المشاريع العامة لا تزال دون تنفيذ رغم الميزانيات الضخمة، في الوقت الذي يعيش فيه ملايين الليبيين في ظروف متدهورة دون خدمات أساسية.
لقد فاقمت الانقسامات السياسية والمؤسسية بين الشرق والغرب الأزمة، مما أدى إلى ازدواجية في هيكل مؤسسات الدولة. يُعزز هذا التشرذم تضارب السلطات، وضعف التنسيق، ويُمكّن شبكات الفساد والتهريب من العمل بحرية عبر الحدود والموانئ.
وفي فبراير، حث عيسى، بصفته رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، المشرعين على تسريع مشروع قانون يتناول تراجع وضع ليبيا على مؤشر مدركات الفساد العالمي.
في ديسمبر، صرّح يوسف العقوري، رئيس لجنة التحقق من الأصول الليبية المجمدة في الخارج بمجلس النواب، بالتزام البرلمان بصياغة تشريع لمكافحة غسل الأموال والتهريب وتمويل الإرهاب. وأضاف أن مشروع القانون سيُطرح للمناقشة قريبًا، مؤكدًا على أهمية تعزيز الإطار القانوني لحماية المؤسسات الوطنية وتعزيز الاستقرار المالي.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.